هل تطور الإنتاج الفني لليوم الوطني؟

دعونا من المقدمات الطويلة، فنحن كل عام نشهد العديد من الإعلانات المميزة احتفاءً باليوم الوطني، ولكن هل تطور الإنتاج الفني السعودي حقًا؟!

 

فهل نشهد طريقة فنية جديدة؟

حين نقوم بمشاهدة سريعة لأهم إعلانات الأعوام الماضية نجد أنها تعتمد بشكل أساسي على الأداء الصوتي والشعري الذي يقدم قصة أو فكرة يمكن تناولها، ودائمًا ما نجد أغاني وطنية رائعة، تمزج بين الحماسة والروح الوطنية، ولكن تكرار الأغاني والأداء الصوتي ربما جعل من تقديم هذه الصور والقصص أمرًا مكررًا على الرغم من الجودة الفنية التي تتطور عامًا بعد عام، من حيث الصورة السينمائية والجودة الفنية للأعمال التي تتبلور في الإخراج والمونتاج لهذه الأعمال.

 

ما الجديد؟

الجديد هنا هو القصة وليست الدعاية، الفكرة من منظور الأشخاص وتوثيق تواجدهم، فنجد في إعلان وزارة الدفاع تقديمًا لأمثال لشخصيات مؤثرة وكأنها تقدم فكرتها من خلال كل واحد منهم، وسيرتهم الذاتية الرائعة

إعلان اليوم الوطني السعودي وزارة الدفاع
صورة من إعلان اليوم الوطني وزارة الدفاع

وفي شعار وزارة الرياضة لهذا العام، والتركيز على #بطل_وطني

شعار وزارة الرياضة
شعار وزارة الرياضة

ولكن كنا نتمنى أن تقدمه وزارة الرياضة عبر إعلانها بشكل أفضل، فإذا كنا نتحدث عن الأبطال، فيجب أن نتحدث عن الأبطال وبطولاتهم، لا أن نسرد الفكرة من على سطحها، وهو ما نجحت به وتفوقت #وزارة_الدفاع في إعلانها الرائع.

 

قبل أن نخوض في الإعلانات، نود أن نُحيي السينما!

من بين العديد من الإعلانات التي نود أن نقدم تحليلًا وافيًا عنها، خطف أنظار الجميع الفيلم القصير الذي قدمته وزارة الحرس الوطني بدلا من اعلانات كل عام، والذي وثقت من خلاله تضحيات وبطولات 6 من أبطالنا من خلال فيلم قصير توفرت به كل العناصر السينمائية من قصة وصراع وشخصيات حقيقية مؤثرة.

إعلان عشرة واحد وزارة الحرس الوطني
إعلان عشرة واحد وزارة الحرس الوطني

يبدأ الفيلم بلمحة من الخطر والصراع، حيث الرجال المسلحين وسط الجبال، يخطفوك إلى عالم الفيلم مباشرة ويحققون عنصر الإثارة والتشويق، وينتقل من بعدها إلى أبطال الفيلم ويقوم بتعريف سريع ويقدمهم من خلال حوار ذكي يمنحك لمحة معرفة عنهم وعن شخصياتهم وأدوارهم المتوقعة، حتى صفاتهم الظريفة كجمال الصوت وحب الحياة بالغناء والحوار بينهم، وهو ما يجعلك تشعر من اللحظة الأولى بأنك أمام فيلم مُحكم له شخصيات حقيقية من بيننا وفيلم حقيقي لا يكتفي بالدعائية.

في حقيقة الأمر لا نود أن نحرق الفيلم على من لم يشاهده، ولكننا نود أن نسلط الضوء على الحرفية المُبهرة في صناعة هذا الفيلم الذي جمع بين القصة المؤثرة، والتنفيذ السينمائي لمشاهد القتال واستبسال أبطالنا فهو لم يعتمد على الإبهار فقط، ولكن اهتم بتقديم سيناريو مُتقن وصورة سينمائية متكاملة مع موسيقى حقيقية مُبهرة.

أفضل بداية للفيلم، حيث تحديد عالم الفيلم ولمحة عن عناصر الصراع والخطر
يوم #عشرة_واحد
شخصيات من عالم أبطالنا الحقيقي، تتفاعل وتؤثر وتُغني للوطن بكل شجاعة

إعلان عشرة واحد وزارة الحرس الوطني

مشاهد حرب سينمائية
 وزارة الحرس الوطني
توظيف ذكي للعناصر و الإضاءة
وزارة الحرس الوطني
صورة سينمائية ذكية بتفاصيلها
نهاية الفيلم مع الأبطال

كان الفيلم القصير نقطة مميزة في صناعة محتوى اليوم الوطني الثاني والتسعين، والآن نعود إلى الإعلانات!

 

إعلان وزارة الدفاع

قدمت وزارة الدفاع من خلال إعلانها صورة سينمائية رائعة، ولعبت بالعناصر الفنية حين قدمت المعتاد من أداء صوتي، ولكنه مرتبط بشكل أساسي بالقصة التي تقدمها للأبطال، وقدمت ما يشبه سيمفونية تمزج بين حرارة الصورة، ونبضها بالحياة من خلال التنقل بين اللقطات السينمائية بسلاسة فائقة، والأهم من ذلك أنها لم تكتفي بصور صامتة، ولكن قدمت الصوت من خلال الصورة، فكونت مشهدًا متكاملا، ويمكن أن نطلق عليه سينمائيًا بشكل حقيقي.

التصوير السينمائي
صورة سينمائية
هندسة صوتية مميزة
تباين لوني رائع للوحة سينمائية بديعة
استخدام للقصة والعنصر البشري
قصيدة وتوظيفها لخاتمة قوية

 

 

ولكن ماذا أضافت أيضًا إعلانات هذا العام؟

منظور مختلف جديد لكل شيء، وكأنها مدارس سينمائية حديثة، تجمع بين القصص بشكل مختلف، وتقدم طرق سرد ذكية من خلال صورة سينمائية فقط، تمنحك الفكرة والشعور وكأنها حبكة لفيلم قصير يجمع بين المواقف القصيرة والأفكار الكبيرة، وهو ما يتجلى بشكل ممتاز في إعلان #الرومانسية

نأثر ما نتأثر
نأثر ما نتأثر – الرومانسية

طوال الإعلان لم يتحدث عن العنصرية أو التفريق بشكل مباشر، حتى وهو يقدم رسائله، قدمها بشكل ذاتي، عن قيمنا وعدم تأثرها، ولكنه منحنا الفكرة كاملة بمجرد المشاهدة، ترك لنا أن نفهم وتُحلل ونقدم صورة سينمائية ممتازة، ومواقع تصوير غير معتادة، وشخصيات ناجحة حتى خارج وطننا.

وهذا ما نعنيه بالصورة السينمائية!

الطريقة الفنية التي تقدم مواضيعًا يفهمها القاصي والداني، من يشاهد الإعلان في أي مكان من العالم حتى وإن اختلفت اللغات، يفهم الفكرة بمجرد المشاهدة، ومن هنا ندرك قيمة السينما والتطور الذي نشهده بحق في صناعة الأفلام السعودية والإنتاج الفني الوطني، نعم هناك تطور على مستوى الأفكار الإعلانية، وطرق التصوير وأماكن الإنتاج وطرق الإخراج، ويمكن ترجمتها في هيئة أفكار ولقطات وتوزيع موسيقي واختيار ممثلين وغيره

صورة سينمائية مميزة
تكوينات وتوزيع إضاءة ذكي
مع توضيح للتباين من خلال ترتيب اللقطات فقط

 

اختيارنا الأفضل؟ سمننا في دقيقنا

إنه إعلان بسيط وذكي، يجمع بين الحس الفكاهي والفكرة القوية، وهو أبرز أمثلة تقديم الشخصيات بشكل واقعي قوي، من خلال قصة سريعة وتنوع بين مواقع التصوير والمواقف المتنوعة، إنه مثال للسهل المُمتنع.

“سنرفع نسبة الإنتاج إلى 200%”

حدث يؤدي إلى حدث يؤدي إلى حدث

هذا الإعلان مثال عبقري على تنفيذ مبادئ كتابة السيناريو وهي (فعل / ردة فعل / حوار) حيث أن اختيار بسيط في البداية، وهو الفعل هنا، أنتج ردة فعل وحوار، أنتجوا ردة فعل أخرى وحوار آخر، في متوالية سردية رائعة، وكأنه درس في تعلم السيناريو.

 

الشخصيات حية

ما منح هذا الإعلان تميزًا خاصًا هو أن كل شخصية منهم نراها في حياتنا اليومية، الشاب الذي يبحث عن عمل، وفتاة المصنع التي تسأل بفكاهة عن طعام اليوم، والشاب الذي يهرول ليزف الخبر السعيد، كل واحد منهم له شخصية وحضور وتأثير في هذا العمل الذكي والبسيط

مواقع تصوير جديدة وذكية

ربط ذكي جدًا بين بداية الفيديو ونهايته، لبيان سرعة التأثير وحدوثه في نفس اليوم
حوار فُكاهي ذكي

وقبل كل ذلك هو الفكرة الأساسية، وربما يمكن أن نقدمها كمثل شعبي كما اختاروا وهو (سمنننا في دقيقنا) وهو ما يعني إلمام حقيقي بالفكرة واختيار مثل شعبي للربط بين الإعلان والمُتلقي، من خلال قصة يمكن أن تتكرر كل يوم، ولكن بحرفية سينمائية، من حيث الصورة والموضوع وعُمق الشخصيات.

وأخيرًا، نعم نحن نشهد تطورًا مذهلا هذا العام في إنتاجاتنا الفنية لليوم الوطني الثاني والتسعين ونتمنى أن نشهد المزيد من صناعة الأفلام في السعودية.

error: Content is protected !!
حقيبة الاستثمار0
حقيبتك فاضية.. اختار برامجك وأبدأ رحلتك السينمائية =)
0