هل شاهدت فيلم لالا لاند من قبل؟
حسنًا إن لم تشاهده، لن نقوم بحرق الأحداث، فقط سنضرب منها مثالًا في أحد لحظات الفيلم نشاهد أحداثه تسير في مسارين مختلفين، أو ببساطة في المسار الأول نجد أنه يوجد فعل من البطل والبطلة، يتبعه ردة فعل من الطرف الآخر، ويتخلل الفعل وردة الفعل حوار أو سياق من الأحداث.
بينما في المسار الآخر
يحدث فعل مختلف من البطلة أو البطل،يتبعه ردة فعل مختلفة من الطرف الآخر،وبين هذه وذاك حوار أو سياق مختلف من الأحداث. يقول أ. عاصم الطخيس في برنامج كتابة الأفلام القصيرة أن كاتب السيناريو يحتاج إلى كتابة قصة قصيرة حول فكرته قبل أن يقوم بتحويلها إلى فيلم قصير، وأن هذه القصة يجب أن تتمتع بعناصر الإثارة والتشويق ولا يتحقق ذلك إلى من خلال صراع، وهذا الصراع يتحقق عن طريق قاعدة مهمة جدًا وهي:
أكتب (فعل . ردة فعل . حوار)
الفعل
فحين يقوم المجرم في الفيلم بسرقة محل المجوهرات (الفعل)، يحاول البطل أن يقوم بالإمساك به ومطاردته على مدار الفيلم (ردة الفعل) ويتخلل ذلك (حوارات) وتفاصيل، قد نكتشف معها أن اللص ليس لصًا وإنما يحاول استعادة حقه مثلًا الذي قام صاحب المحل بسرقته منه، وهو ما ينتج صراعات متداخلة، فبدون الحوار والتفاصيل لم يكن ليعرف البطل بأصل القصة، ودون فعل السرقة، لم يكن البطل ليورط نفسه في عالم العصابات من الأساس وهو ردة الفعل.
الصراع
وهذا هو الصراع، عنصر التشويق الأساسي في كل فيلم، الذي يجعل المشاهدين متمسكين بمقاعدهم لمعرفة التالي في أحداث الفيلم ومشاهدة نهايته، ولكن هذا الصراع لا يجب أن يكون عشوائيًا، فله قواعد تُنظمه.
كل شخصية من شخصيات الفيلم يجب أن يحكمها (تاريخها / مبادئها / عناصرها النفسية) فلا يمكن لشخص جبان أن يقوم بفعل شديد الجرأة فجأة دون مقدمات، فهذا يجعل الفعل هنا غير منطقي، ولكن يمكن أن يكون رد فعل على فعل شديد القسوة قد ينتزعه من منطقته الهادئة والآمنة إلى هذه المساحة من الجرأة.
وكمثال في مسلسل Breaking Bad يتحول الكيميائي مدرس الثانوي من شخصيته الوديعة الهادئة ذات الحياة الرتيبة إلى الإجرام وصناعة وتجارة المخدرات، كرد فعل عند اكتشافه لإصابته بمرض السرطان.
ولا يحدث ذلك فجأة، فنحن نختصر العديد من الخطوات حين نقول أنه تحول إلى الإجرام بعد اكتشافه للمرض، ولكن هذا التحول عبر العديد من الخطوات التي يحتوي كل منها على فعل ثم ردة فعل، وحوارات مع آخرين يكتسب من خلالها خبرته الإجرامية ويطور من أدواته، ودائمًا يوجد دافع ما للاستمرار، فالسرطان هنا لم يكن الدافع الرئيسي للشخصية، وإنما خوفه على عائلته من الفقر إذا أنفقوا أموالهم على العلاج، ثم مات دون أن يترك لهم شيئًا.
تنويه: نحن لا نروج لتجارة المخدرات أو تبرير أفعاله، نحن فقط نسرد وجهة النظر التي قدمها المسلسل.
وهو ما يعني أنه دائمًا يوجد فعل أساسي، أنتج رد فعل وحوار أساسي هم محور الصراع الكبير، ولكن كل منهم يوجد له العديد من التفاصيل والأحداث الصغيرة التي تحرك الصراع من مشهد إلى مشهد، ومن شخصية إلى شخصية، ولهذا نحتاج إلى هذه القاعدة التي لا تتركنا إلى الصدفة ولكن تمنحنا المبررات المنطقية لكل جزء من أجزاء الفيلم.
هذه القاعدة هي جزء من حياتنا اليومية على كل المستويات، وإدراكنا لها يمنحنا الفرصة على فهم أعمق للأفعال البشرية، وهو زاد كاتب السيناريو، فهو يجب أن يتمتع ببُعد نظر وقدرة على التحليل وفهم الدوافع البشرية، لأن أسوأ ما قد يقوم به أي كاتب سيناريو هو أن يلجأ إلى الصدفة، فالصدفة قد تجعل المشاهد يشعر بعد المصداقية، ولا يمنحه من صدق الشعور والانفعال مع الفيلم ما يكفي.
هذا عنصر واحد من عناصر كتابة سيناريو الأفلام، ويمكنكم معرفة المزيد عن القاعدة من خلال برنامج كتابة الأفلام القصيرة والذي يقدمه كاتب السيناريو ومستشار النص السينمائي أ. عاصم الطخيس.